Saturday, March 2, 2013

عن القطط والكلاب



كمواطن قاهري غر ، تعد الحيوانات الأليفة جزءٍ لا يتجزأ من أبجديات الحياة اليومية ، خاصة عندما نتحدث عن القطط والكلاب ، لكن الدقة تحتم أن نذكر أن غالبية القطط والكلاب في القاهرة ليست حيوانات أليفة بل حيوانات ضالة !!! فهي تسرح وتمرح في الشوارع وتحصل علي طعامها بشكل شريف من القمامة وبشكل غير شريف من السرقة من المطابخ وأنية الطعام التي تركت قرب نافذه مفتوحه ، كما أنها لا تحظي بأي رعاية طبية ، بل علي العكس هي كائنات مستهدفة من رجال البلدية خاصة الكلاب التي كان لها في الماضي عربة كلاب خاصة بصيدها وقتلها ، أما القطط فهي لا تزال مستهدفة من محلات الجزارة لأسباب واضحة.

لذا فإن القاهري معتاد علي أن يخرج من منزله في أي وقت ليجد وليمة للقطط علي قمامة منزله ، أو يجد هررة صغيرة تختفي تحت والدتهم في مواسم التزاوج ، ولربما يرق لهم فيأتي بعلبة من الورق المقوي ويضعهم داخلها ويزودهم ببعض الحليب بين الحين والأخر.
كما أنه متعود علي نباح الكلاب في الليل وشغفها بمطاردة من تسول لهم أنفسهم الخروج في ساعات الصباح الباكر.

وليس هذ فقط فلقد بلغ التطور القاهري في مجال القطط والكلاب إلي ظهور فصيلة جديدة من تلك الحيوانات الضالة / الأليفة هي التي شاعت تسميتها بالسلعوة والتي شاع تعريفها بأنها حيوانات تربيها أليفة صغيرة ، حتي تكبر لتعضتا .

وباعتباري وارث لهذا التقدم العلمي الكبير ، كانت صدمتي أكبر عندما لم أعثر علي تواجد واضح للقطط والكلاب في ياوندي ، وبعد شهور طويلة عثرت علي بعض الكلاب الضالة لكن ثبت لي عدم وجود أية آثار للقطط ، وحينما سألت بعض الأصدقاء أجابوني بسخرية أنه طبقاً لنظرية داروين حول النشوء والارتقاء تطورت كافة القطط إلي أسود لتصبح الكاميرون هي أرض الأسود التي لا تقهر كما يطلق علي فريق كرة القدم الشهير.
وكقاهري حريص علي المعرفة أثار الوضع استغرابي ، فكيف يعيش الناس بدون قطط ولا كلاب ، كيف يعمل أطباء الأمراض الصدرية والجهاز التنفسي بدون مرضي الحساسية التي تسببها البكتريا التي تحملها القطط ، وكيف يرتزق أطباء الأمراض العصبية والأطفال بدون التوكسوبلازما التي تختفي وراء شعر القطط وتنتقل بالتربيت عليها ، وهو السلوك المفضل للأطفال والنساء ؟؟
وبالتأكيد لا توجد مستشفي للكلب ، ولا العلاج الشهير ذي الواحد والعشرين حقنة في البطن  لمن داعبتهم الكلاب اللطيفة أو هاجمهم السلعوة في الأعياد والمناسبات

لكن الغريب أن الحياة تسير وكأنه لا توجد أية مشكلات علي الإطلاق ، وهو ما دفعني للاعتقاد في أن السبب يرجع إلينا نحن وليس هم ، وبقليل من البحث التاريخي عرفت أن القطط والكلاب كانت من الحيوانات المقدسة في الحضارة المصرية القديمة ، وأن هناك عدد من الآلهة المصرية كانت تملك رأس كلب ، أما القطط الأليفة فكان لها مكانة خاصة حيث يرجع ذكرها إلي عام 2100 ق م ، وشاع وجوده في الدولة الوسطي وكثيراً ما رسم علي جدران المقابر في صورة قط سمين ناعم الفراء ذو أذنين طويلتين لطيفتين وشوارب وذنب يتسلي بالتهام سمكة !! واستخدم المصريون القدامي لفظة مياو لتسميته وهو ما أصبح لفظاً دولياً للآن.وكان هناك العديد من الموضوعات التي كان للقطط ذكر فيها ، فللوقاية من الفئران توصي مخطوطات البردي بأن تضع دهن القطط فوق كل شئ تخاف عليه من الفئران ، كما كان هناك مثل دارج للتهكم علي تقلبات الأوضاع يقول بأن القطة أصبحت خادمة السيدة فأرة .

كما تحولت احدي الآلهة ربة النار إلي جسم امرأة وراس قطة أليفة ، كما شاع تصوير الملكات كالقطة منتصبة القامة لها هيبة ووقار ، أو وهي جالسة علي عرشها متحلية بالجواهر وهي تستعد للقفز .ومن شبه المؤكد أن القطط عرفت طريقها إلي أوروبا من مصر عن طريق بلاد اليونان ، ومن ثم فإن القط البريطاني الشهير ينتسب إلي السلالة المصرية العريقة ( معجم الحضارة المصرية القديمة طبعة 2001 ) .ولربما لهذه الأسباب التاريخية تعود شعبية القطط والكلاب في القاهرة ومصر عموما ، ويعد وجودها جزء لا يتجزأ من حياتنا ، وبالتالي فإن غياب هذه الأسباب أيضاً هو سبب عدم أهمية القطط والكلاب في ياوندي اذا اعتبرنا أن نظرية التطور لم تنطبق علي الكلاب !

No comments:

Post a Comment