Saturday, March 2, 2013

الحمد لله



كقاهري حتي النخاع ، اعتدت ان ابدا حواري مع أي شخص بالسؤال التقليدي " كيف الحال ؟ " ، ، وفي مدينتي السعيدة يكون الجواب " الحمد لله" ، ومن ثم يستطرد من يرد قائلاً : كله تمام ، زي الفل ، مفيش احسن من كده ، ... ، وحتي عندما لا يكون الأحوال جيدة ، يكون الرد الحمد لله علي كل حال ، او الحمد لله الذي لا يحمد علي مكروه سواه ، ومن غير المعتاد أ، يحكي شخص لشخص أخر عن مشاكله ان لم تكن العلاقة بينهما وطيدة لدرجة كافية ، فلا أتصور مثلاً أن أذهب لمطعمي المفضل واحيي النادل واسأله عن أحواله فيخبرني عن خلافاته مع صاحب المطعم !!

وكقاهري ساذج خلت أن هذا هو الوضع الطبيعي ، لكن عندما جئت إلي هذه الديار وجدت أن هناك جانب أخر للعملة : فمن أكثر الأماكن التي اعتدتها في أوائل أيامي كان المصرف ، والموظفة الخاصة بخزانة العملاء المهمين، ففي ثاني مره ذهبت لسحب بعض النقود وغلب علي الطبع القاهري فقلت " كيف الحال ؟ " فاذا بها تقول ليس جيداً لدي صداع !
وحينما سئلت حارس البناية أجابني " سئ ... ليس معي مال "
وحينما سألت السباك أجاب " ادينا عايشين ! "
أثار هذ استغرابي الشديد ، فعلاقتي بهولاء سطحية ، وكان من المفترض ان يردوا بكلمة " بخير " وكفي  ، فلماذا حدث هذا ؟
لم ينمحي هذا الأمر من ذهني ، بل ظلت خبراته تتراكم ، فهذا دبلوماسي بوزارة الخارجية يرد باجابة السباك ، وهذه مديرة شركة سياحة تجيب نفس اجابة حارس البناية !
وعندما زاد بي التعجب ، بدأت اسئل واعرف تبريرات ، سألت سكرتيرة السفير وهي من قبائل البامليكي الوثنية المعروفة بالغني الشديد ، فاجابت بان غالبية الناس تعاني من نقص الأموال ، وان الفقر هو هاجسهم الاساسي ، والحصول علي المال هو هدفهم من الحياة ، ويتساوي في هذا الحارس والسباك والمصرفي والدبلوماسي .
وعندما سألت إمام المسجد الكاميروني أجاب بأن غير المسلمين في غالبيتهم لا دينيين وان أعلن بعضهم انتمائه للمسيحية ، فهم وثنيون أو يعبدون أرواح الأجداد ، ومن ثم ففكرة اليوم الآخر والحساب والجزاء هي المسيطرة عليهم ، فبالتالي أصبحت الدنيا هي همهم ومبلغ علمهم  ، ولذا الصراع من أجل الحياة اليومية أصبح هو محور حياتهم ، فأي ابتلاء أو مصيبة تجعل الحياة لا تطاق ، وتجعل رداً مثل " بخير " غير ممكن أو بعيد عن نطاق التفكير ، أما جملة " الحمد لله " فلا تعرف لها سمياً لدي غير المسلمين ، فالحمد لله الذي اصطفانا وهدانا وجعلنا مسلمين .

No comments:

Post a Comment