Friday, January 30, 2015

#مصرع_أميرة الفصل الثاني


الثاني

كان اليوم جمعة...
وهي لم تعد عطلة بالنسبة إليَّ مذ غادرت القاهرة، فالعطلة في «بامبوتوس» تكون يومي السبت والأحد، تماماً كأوروبا التي يقلدونها في كل شيء، أوروبا هنا هي الفردوس الذي يرغب الجميع ـ من دون استثناء  ـ في الفرار إليه يوماً ما، حتى أن الأغلبية العظمى من السكان لا تشاهد القناة التلفزيونية الحكومية أو القنوات الخاصة المحلية، وتكتفي بمجموعة من القنوات الأوروبية عبر «وصلة»، كتلك التي يشيع استخدامها في مصر ـ خصوصاً لمحاربة احتكار مباريات الكرة ـ والتي تلبي رغبة ملحة في نفوسهم... رغبة الهروب من الواقع المرير!
دهشتُ عندما سألتُ السكرتيرة ـ يوماً ما ـ عن موعد نشرة الأخبار الرئيسة؛ فهزت كتفيها بأنها لا تعرف، بل لا تهتم، وأضافت أن الجميع يشاهدون أخبار أوروبا.
وعندما تعجبت من اهتمامهم بأخبار بلاد بعيدة، لا تعني لهم شيئاً؛ قالت ببساطة:
نحن نكتوي بنار المعيشة في بلدنا طوال اليوم، أفلا نستحق أن نرتاح بعض الوقت ونتابع أخبار بلاد يحيا فيها الناس بشكل أفضل، وننام ونحن نحلم بأن هروبنا إلى هذه البلاد سيتحقق!
كنت أهتم كثيراً ـ في بداية الأمر ـ بالدخول في مناقشات وجدل، حول ما أعتبره سلبيات واضحة للحياة في «بامبوتوس»، وأملك كماً هائلاً من الانتقادات للمواطنين وللدولة، وأرى أن هناك الكثير يمكن القيام به لتطوير البلاد، لكنْ يوماً بعد يوم؛ ازداد فهمي لدواخل الأمور، وبدأت طموحاتي تخبو بسرعة.
*****
كان اليوم جمعة...
وعلى الرغم من أنه ليس بعطلة؛ إلا أن الصلاة لا ترتبط بالعطلة.
كانت صلاة الجمعة فرصة رائعة لممارسة العمل الدبلوماسي، ففي «أيوندو» أكثر من عشرة مساجد، منها مسجدان كبيران، يؤمهما آلوف المصلين يوم الجمعة، أقدمهما هو المسجد الكبير في «بريكتيري»، والذي يحمل صحنه لوحة مكتوبة بالخط الديواني، أنه أنشئ عام 1913، والثاني مسجد «تشينجا»، أنشئ عام 1996، هدية من المملكة العربية السعودية لمسلمي البلاد، ويطلق عليه اسم المركز الإسلامي في «أيوندو».
وعلى غير المعتاد، قدم المركز صورة نادرة للتعاون العربي، فعلى الرغم من أن تمويله سعودي، ومن ثَمَّ فمديره العام كذلك، إلا أن معظم الدعاة العاملين فيه من بعثة الأزهر الشريف، ومعهم تونسي وجزائري، كما أن هناك سودانياً ومغربياً يعملان بالإدارة.  
وطالما ذكرنا الأزهر الشريف؛ فلابدّ من القول بأنه يقوم بإيفاد بعثات من خريجيه؛ للعمل في العديد من دول العالم لنشر الإسلام، وتعليم اللغة العربية والثقافة الإسلامية، وتقوم هذه البعثات بدور كبير في تطوير المفهوم المحلي للإسلام، خصوصاً في القارة الإفريقية، والفصل بينه وبين العادات والتقاليد المحلية، التي يظنها السكان ـ في كثير من الأحيان ـ جزءًا من الدين.
إلا أن التعاون العربي قصير المدى ـ كعادتنا به ـ وفور وصولي، كانت الخلافات قد بدأت بين المدير العام السعودي ودعاة الأزهر الشريف؛ لأسباب اعتقدتها هامشية، فرجال الأزهر اعتادوا تنظيم شعائر صلاة الجمعة كما تجري الحال في مصر، بوجود تلاوة من أحد المقرئين لفترة، قبل رفع أذان الظهر، وهو ما اعتبره المدير العام بدعة؛ وقرر إلغاءها، كذلك رفض إلقاء موعظة قبل الخطبة، كما يتم في معظم مساجد «بامبوتوس»؛ مراعاة لجهل معظمهم اللغة العربية، وصعوبة قيامهم بتلاوة القرآن، ومجدداً اعتبر ذلك بدعة لابدَّ من إبطالها.
وحلاً للخلافات؛ طلب رئيس بعثة الأزهر الشريف إعفاءهم من العمل بالمركز الإسلامي (السعودي)، والاكتفاء بالعمل في المساجد  «البامبوتوسية»، إضافة إلى عملهم التقليدي في المدارس الحكومية والخاصة. 
وعلى الرغم من جهود السفير المصري ـ وقتها ـ للتوصل إلى تسوية؛ إلا أن الأمر استقر على اكتفاء مبعوثي الأزهر بتدريس اللغة العربية في المدرسة الابتدائية، الملحقة بالمركز، وامتناعهم عن العمل داخله، وما يتضمنه ذلك من إقامة الشعائر وإلقاء الدروس الدينية والمواعظ.
وعلى الرغم من الفتور ـ الذي أدى إليه هذا الخلاف ـ إلا أن أداء صلاة الجمعة في مسجد «تشينجا» ـ أو المركز السعودي، كما صار مبعوثو الأزهر يسمونه ـ كان حدثاً مهماً؛ بسبب نجاح الإدارة في تقديم خدمة مرتفعة الجودة للمصلين، واستقطاب المسلمين من كبار مسؤولي الدولة لأداء الصلاة فيه، ومن ثَمَّ تحولت الصفوف الثلاثة الأولى إلى أماكن مخصصة لعلية القوم، يتم منع بقية المصلين من الجلوس بينهم، حتى  من بكر بالحضور، وهو ما لم يعتبر بدعة!
وباعتباري رافضاً للبدع؛ اعتدت التخلي عن الصفوف الأمامية، والجلوس بين بقية المصلين، الذين غصَّ بهم المكان؛ لدرجة مازلت أذكر أنني فوجئت بها في زيارتي الأول؛ بسبب الانطباع الذي حملته ـ دوماً ـ عن كون «بامبوتوس» دولة لا يوجد فيها المسلمون بكثرة.
كانت المفارقة في «المركز السعودي»، أنه يحمل الاستثناء الوحيد بين كل دور العبادة، بأن يرأسه أجنبي، وأن يقود الصلوات فيه أجنبي، ونظراً إلى كون المدير العام السعودي لا يتحدث إلا «العربية»؛ فقد ابتدع طريقة فريدة في خطبة الجمعة، إذ يقوم بإلقائها باللغة العربية، وخلال جلسة الاستراحة يقوم أحد مساعديه بترجمة مجمل الخطبتين إلى الفرنسية؛ ليستفيد معظم الحضور، الذين يتحدثون الفرنسية، إضافة إلى لهجتهم المحلية.
بعد انقضاء الصلاة، تكون فرصة سانحة للالتقاء مع عدد من الأصدقاء، من السفارات العربية، وربما الاتفاق على دعوة للعشاء، أو مباراة لكرة القدم خلال العطلة الأسبوعية.
وحينما عدت إلى مكتبي؛ كانت السكرتيرة تبلغني بأن رئيس بعثة الأزهر الشريف، وسكرتير البعثة، موجودان، ويطلبان مقابلتي.
الشيخ عبدالعزيز عليش، رئيس البعثة، عالم فاضل، ينشرح الصدر لمجرد رؤيته، وحينما يتكلم تسكن محبته القلب، صورة مشرّفة لرجل الدين، أما إسماعيل فرج، سكرتير البعثة، الذي يتولى الشؤون المالية والإدارية فيصغره بعشر سنين على الأقل، موظف وإن كان من خريجي الأزهر بشهادة متوسطة.
بعد التحيات والسلامات المعتادة، بادرني الشيخ «عبدالعزيز» بالكلام، قائلاً:
ـ «... هناك موضوع حدث معنا، خلال جولتنا لتفقد أوضاع المبعوثين، وأردنا أن نقصه عليك؛ فربما يكون لديك تفسير له، فخلال رحلة العودة كان علينا ركوب الطائرة من أقصى الشمال؛ للتوجه إلى (أيوندو)، كان الجو خانقاً، والزحام شديداً، جاءت سيدة ـ يبدو عليها الثراء ـ بصحبة بعض عمال الشركة، وأرادوا أن يجعلوها في مقدمة الصف الذي ننتظر فيه، فلما اعترضت ثارت وهاجت وماجت، وقالت: إنها لن تقف خلف رعاة الأغنام هؤلاء»!
«... ذهب (إسماعيل) إليها، وحادثها بالإنجليزية، لكنها ردت بالفرنسية؛ على الرغم من أن صراخها كان بالإنجليزية التي نفهمها، وعبثاً حاول الكلام معها، حيث أشاحت بوجهها، وظلت تردد بعض الكلمات بالفرنسية، وقد كست وجهها علامات الاستياء...»!
«... في النهاية اصطحبها أحد موظفي المطار إلى قاعة خاصة، ثم قام بإنهاء الإجراءات لها، وقبل أن تغادر قالت بصوت عالٍ بالإنجليزية: تأكَّد من أني لن أجلس بجوار أحد هؤلاء خلال الرحلة، وإن كنت لا أعتقد أن أحدهم يمكنه السفر ضمن الدرجة الأولى...»!
تدخل «إسماعيل»، ووجهه يحمل أمارات الانزعاج، قائلاً:
     ـ لقد أمسكت أعصابي بصعوبة، ومنعت نفسي من اللحاق بها وصفعها، أو على الأقل جرها من شعرها لكنس أرضية المطار، لا أدري ماذا فعلنا لها؟ ولماذا كل هذه الكراهية؟!
تعجبت من القصة، وجال في خاطري ـ لوهلة ـ أنهما يبالغان بعض الشيء، أو أن ضعف لغتهما الإنجليزية أحدث نوعاً من سوء الفهم، أو أن هناك موقفاً سيئاً حدث من جانب أحد أفراد البعثة؛ أدى إلى رد الفعل السلبي منها.
كدت أوجه الحوار إلى اتجاه آخر، حينما استطرد الشيخ «عبدالعزيز»، قائلاً:
ـ لقد سمعت موظفي الشركة ينادونها أكثر من مرة بكلمة «سموك»، أنا اعرفها بالفرنسية، فهي ذائعة بين أمراء العشائر المسلمة هنا، فهل يعني ذلك أنها ملكة، أو ربما أميرة؟!
قلت في شرود:
ـ ملكة يقال لها: «جلالتك، «سموك» تستخدم مع أميرة!
رمقه «إسماعيل» بنظرة نارية، وهو يقول:
ـ نعم أميرة، كانوا ينادونها بسمو الأميرة!
قلت، وقد بدأت أتململ من الحديث:
ـ حتى صباح اليوم لم أكن أعلم أن في هذه الـبلاد أمـيرات، وها أنا أتعرف إلى اثنتين في يوم واحد.. يا لحظي السعيد!
انتهى الحديث، وغادر الرجلان مكتبي؛ فعدت لأنكبَّ على عملي؛ محاولاً أن أنتهي من أكبر قدر في أسرع وقت، فاليوم هو نهاية الأسبوع؛ ومن المفترض أن نرسل حقيبتنا الدبلوماسية ظهر الغد؛ لتلحق برحلة طائرة الخطوط الكينية، وباعتبار أن السفير في إجازة؛ فستكون عليَّ مراجعة جميع الخطوات والإجراءات، خصوصاً أن يوسف الباشا (مساعد الملحق الإداري، المكلف بهذه المهمة في الأساس)، يحتاج إلى عناية خاصة، ومساعدة مستمرة؛ ما يجعلني ـ في كثير من الأحيان ـ أفضل عدم إسناد أي مهام إليه، والقيام بها بنفسي؛ حرصاً على توفير الجهد والوقت، وكذلك منعي من الانفعال غير المجدي.
لكن نظراً لأنه يقترب بشدة من سن التقاعد ولابدَّ أنه قد حفظ واجباته؛ بسبب قيامه بتكرارها خلال السنوات الثلاثين الماضية؛ لذا ـ ونظراً إلى ارتباطي بمناسبة اجتماعية في المساء ـ قررت أن أجدد ثقتي بيوسف الباشا، مذكراً إياه بأنني سوف أمر في الصباح التالي؛ لأتفقد أداءه، ويطمئن قلبي إلى أن الحقيبة الدبلوماسية ـ المتوجهة إلى القاهرة ـ قد تم إعدادها.
وكعادته كرر يوسف سلسلة من العبارات المبهمة، التي يذكرني فيها بأنه «قديم»، ويعرف ما يجب فعله جيداً، ويحتاج مني ـ فقط ـ إلى  قليل من الثقة!
بدأت ألملم أوراقي وأستعد للمغادرة، وسولت لي نفسي محاولة تفقد بريدي الإلكتروني؛ من خلال الحاسب الوحيد المتصل بـ«الإنترنت» في البعثة، وعن طريق طلب الرقم dial up؛ لذا فقد اتصلت عشر مرات؛ حتى تلقيت استجابة من الحاسب (الخادم)، وبعدها فشلت مرتين في إدخال اسم المستخدم وكلمة المرور، وفي الثالثة تم قبولهما، وأخيراً رأيت بريد «ياهو» يرحب بي، وأعدت تحميل الصفحة خمس مرات؛ حتى استطعت معرفة أن هناك «واحد» رسالة/ رسائل في انتظاري.
صديقي اللدود «المغازي».. علاقة غريبة تربط بيننا، لا يمكنني أن أصفه بصديقي الودود، وليس لي بعدو لدود، غالباً ما كان يرد على تساؤلات أصدقائنا المشتركين، عن تعريفه لعلاقتي به، بقوله: إننا تماما كـ«حسين البنهاوي»، والصاغ «إبراهيم مكي» في رواية «أرزاق»([1]) ـ فك الله أسر جزئها الرابع ـ تلك العلاقة، التي وصفتها الأميرة عايدة ـ يوماً ـ بالقول لحسين: إن إبراهيم لا يريد أن يدمره، بل يريد فقط أن يسيطر عليه! وهذا هو ـ تقريباً ـ ما أريده أنا و«المغازي»! كل منا يعتقد أنه يجد في الآخر العدو العاقل، الذي هو خير من صديق أحمق! وباختصار فإنه ليس أقرب أصدقائي، ولا أعزُّهم لديَّ! لكنه من يدفعه القدر باستمرار؛ كي يكون إلى جواري.
«المغازي» ـ وهذا هو اسمه الأول ـ أعرفه منذ عشر سنوات، شكله مميز للغاية، فارع الطول، بالغ النحول، رأيته للمرة الأولى في المدرسة الثانوية، (إسماعيل القباني الثانوية)، في حدائق القبة، ولسنوات ثلاث، كنت ألمحه ـ دوماً ـ ولم نتحادث مطلقاً، حتى كان أول يوم لي في الجامعة؛ حينما وجدته أمامي في الصف نفسه، يومها تقدم نحوي، قائلاً: أحفاد «إسماعيل القباني» زينة الرجال.
وخلال أربع سنوات من الدراسة الجامعية، صارت هذه هي تحيتنا، لكن ـ غالباً ـ لم نكن نضيف إليها الكثير من الحديث.
بعد التخرج، اختفى «المغازي» من عالمي؛ حتى التحقت بالسلك الدبلوماسي، وعندما بدأت أتحسس مواطئ أقدامي؛ إذ بي أجده قد التحق به قبلي بعام، ومن وقتها صار مرجعي.
 حينما اقتربت منه أكثر؛ بدأت صورته لديَّ تختلف، كان ـ كما هو ـ طويلاً نحيفاً، إلا أنه يمتلك ثقلاً يثير الإعجاب، رابط الجأش، يتعامل مع ما ومن حوله بترفع عجيب؛ لذا كلما وجدت نفسي بحاجة إلى الاستعانة بصديق؛ كانت صورة «المغازي» تترآى أمامي.
كانت رسالة دورية من «المغازي»، يحكي لي ما يدور في جانبه من العالم، ويعلق على ما قصصته عليه في رسالتي الأخيرة، إننا نتبادل الرسائل أسبوعياً، إضافة إلى رسائل عاجلة في الأحداث المهمة.
قرأت باهتمام، واستغرقت في أسلوبه الشائق وتعليقاته الساخرة؛ حتى وصلت إلى توقيعه السخيف «عمك المخلص»؛ فأغلقت الجهاز، وعدت لأحادث «يوسف» من جديد؛ مستفسراً عن وجود أية وثائق، أو مكاتبات تحتاج إلى وضع ختم النسر عليها قبل انصرافي، فأجاب بالنفي، فأعدت سؤاله مذكراً بأنني لن أعود إليه؛ إذا ما تذكر حاجته إلى الختم، فكرر عباراته المبهمة عن كونه «قديماً»؛ لذا فقد رحلت أخيراً.   
                                                     *****



([1]) رواية «أرزاق»، رواية اجتماعية مسلسلة، للدكتور نبيل فاروق، صدرت منها ثلاثة أجزاء، واختفى الجزء الرابع، الذي كان يفترض صدوره عام 1996، وتحول إلى أسطورة في حد ذاته؛ بعد أن استمر الإعلان عن صدوره «قريباً» نحو خمسة عشر عاماً، الرواية رائعة وتمتد ـ في الجزء المنشور منها ـ منذ الأيام الأخيرة للملكية، وحتى حرب يونيو 1967، وقد دخل العديد من جملها الشهيرة إلى الثقافة الشعبية للشباب، خصوصاً الجملة المذكورة في الفقرة أعلاه، أبطال الرواية، هم: عائلة البنهاوي، بقيادة حسين الذي انضم إلى الضباط الأحرار بحيلة، وشقيقه مفيد، الذي يمثل عنصر التمرد على سيطرة شقيقه الأكبر، إضافة إلى الأميرة عايدة (إحدى أميرات أسرة محمد علي)، التي أغرم بها «حسين»، وساعدها على مغادرة مصر، لكنها خدعته ورفضت العودة، ما دفعه إلى إرسال رجل مخابرات لإعادتها، تارة بالحيلة وأخرى بالقوة، ويقول الخبثاء: إن إعلان تأميم القناة جاء للتغطية على اختطاف الأميرة عايدة في باريس!

Friday, January 23, 2015

#مصرع_أميرة الفصل الأول


الصلاة خير من النوم...
صوت أذان الفجر يأتي من بعيد، يشق الصمت...
يداعب النوم جفوني مداعبة ثقيلة للغاية؛ تجعل صوت الأذان يتباعد؛ خصوصاً أن الجامع الكبير يبعد كثيراً عن منزلي، وبطريقة من تعوَّد على هذه المداعبة الثقيلة؛ كنت أستجمع قواي، وأوجّه إلى النوم ضربة واحدة، نفذت من بين أستاره المتتالية، وعلى الفور اعتدلت في فراشي لثوانٍ، قبل أن أمشي الهوينى، متمنياً أن تضع نسمات الفجر «النادرة» نهاية لمداعبات النعاس.
عبقري من قال: إن أفضل نوم هو النوم بعد صلاة الفجر؛ إذ له لذة لا يمكن مقاومتها، لذلك بعد أن أنهيت الصلاة، وأذكار الصباح؛ كانت الساعة لم تتجاوز الخامسة والنصف، فكان هناك متسع من الوقت لساعة ـ أو يزيد ـ من النوم اللذيذ.
في السابعة.. كان ضوء الشمس يوقظني، من دون ساعة تنبيه كالعادة، لأنتهي من طقوسي الصباحية خلال ساعة، وأغادر منزلي متوجهاً إلى مقر عملي.
كان الصباح بارداً ـ كعادة أيام شهر يونيو ـ فهنا بالقرب من خط الاستواء تختلف الفصول عن المناطق البعيدة عن الخط الشهير، أبرد أشهر العام، هي: يونيو، ويوليو، وأغسطس، تلك التي توصف في بلادنا بقمة الحرارة، والرطوبة، والعرق، والإحساس الخانق بفصل الصيف.
درجة الحرارة 22 درجة تقريباً، لكنها تبدو للمواطنين درجتين أو ثلاثاً على الأقل؛ فالجميع يرتدون ثياباً ثقيلة للغاية، ويعتمرون أغطية رأس صوفية، وكوفيات تحيط بالأعناق، غريبة للغاية قدرتهم على تحمل الحرارة، وضعفهم الشديد تجاه غياب أشعة الشمس.
يوم جديد في «بامبوتوس».. مرحبا يا «أيوندو»..
أنطلق بسيارتي السوداء الصغيرة (يابانية الصنع)، وسط الشوارع شبه الخالية، فأهم ما يميز هذه المدينة الصغيرة عدم وجود اختناقات مرورية صباحية، فأشد ازدحام في «أيوندو» يعني تأخر ثلاث دقائق على الأكثر؛ ونتيجة لهذا لا توجد فقرة مرورية في برنامج «صباح الخير يا (بامبوتوس)»، ولا تقوم إذاعة «(بامبوتوس) إف إم» بالاتصال بالسيد العقيد مدير إدارة الإعلام بشرطة المرور؛ لتحذير قائدي السيارات من الاقتراب من ميدان كذا، أو كوبري كذا.
نعمة لا أدرك قيمتها؛ إلا عندما أعود إلى وطني الحبيب في إجازة!
مرحباً أيتها الطبيعة الخلابة...
جبال تكسوها الخضرة، ويكلل قممها الرباب الأبيض، مشهد بديع يسبح بحمد الخالق الباري، لكن التعود يجعله روتينياً، يَالي مِنْ كائن عجيب!!
أعيش ربع قرن أعجز عن معرفة لون السماء؛ بسبب التلوث والسحاب الأسود، وأعلى قمة رأيتها كانت برج البنك الأهلي، وحينما أشاهد هذه المناظر الخلابة؛ أملُّها كأنها تطالعني منذ طفولتي.
أقترب من مبنى السفارة؛ فيلمحني حارس الأمن المصري طارق عبدالعظيم، ويفتح البوابة الرئيسية، حتى قبل أن أستخدم آلة التنبيه، فأدلف على الفور، وأترك سيارتي في موضعها.
كالعادة أنا أول الواصلين؛ باعتبار الحراس يقيمون في غرف ملحقة بمبنى البعثة، إضافة إلى الطاهي، والعمال المحليين، الذين يصلون عند السابعة والنصف.
دعوني أقدم إليكم ـ بشكل سريع ـ أعضاء الفريق المصري:
ـ حسن عبدالصبور، رئيس البعثة الدبلوماسية، أو باختصار السفير، رجل بالغ التهذيب، شديد الاحترام والثقافة والتدين، وهو الآن يقضي عطلته السنوية، التي تمتد لشهر في مصر.
ـ كرم محمود، الملحق الإداري والمالي، شاب في أواخر العقد الرابع طويل، بدين، أصلع، وتلك لعمري صفات محببة للغاية في المجتمعات الإفريقية، التي اعتادت أن يكون زعيم القبيلة أكثر رجالها بدانة.
ـ يوسف الباشا، مساعد الملحق الإداري، كهل في منتصف الخمسينات، لكنه يبدو أصغر من سنه بكثير؛ ربما لروحه الشابة، وربما لصبغة الشعر الممتازة التي يستخدمها!
هناك أيضاً مكتب لبعثة الأزهر الشريف في «بامبوتوس»، يستخدمه رئيس البعثة، وسكرتيرها بين الحين والآخر، كما أن هناك مكتباً آخر للدكتور ياسر سعيد، الطبيب المصري، الذي يعمل استشارياً في أحد مستشفيات «أيوندو».
وقبل أن أنسى، هناك حارسا الأمن: «طارق»، الذي قابلتموه منذ قليل، وسعيد النبوي الذي لابدّ أنه يغط في نوم عميق الآن، وأيضاً «وجدي» طاهي السفارة، وجلال الفرجاني معاون الخدمة.
ها قد تعرفتم إلى الجميع، ولا يتبقي غير عاملين محليين: السائق «جاربا»، والنادلان «حامدو»، و«أتانجانا»، والسكرتيرة «سيلين».
دعوني الآن أتوجه إلى مكتبي؛ حتى يبدأ المرح.
ها هي السكرتيرة تتبعني بالبريد، فطوال عطلة السفير يحظى العبد ـ الفقير إلى الله ـ بلقب القائم بالأعمال بالإنابة، أي رئيس بعثة جمهورية مصر العربية في «بامبوتوس» بالإنابة.
سكرتيرتنا البائسة «سيلين»، قالت عنها أمي، حينما طالعت صورتها: إنها «تحتاج إلى حقنة حساء»؛ لذا فها هو عمود من أعمدة صورة الدبلوماسي التقليدية ينهار.. السكرتيرة!!
فعندما علم أصدقائي وجيراني بأني نجحت في الالتحاق بالسلك الدبلوماسي؛ كان تعليق غالبيتهم هو:
«لماذا يابني، ألم تشاهد أفلاماً أو مسلسلات مطلقاً»؟!
هنا اكتشفت أن صورة الدبلوماسي ـ في خيالي ـ تتعارض تماماً مع  التصور الشعبي له؛ فعامة هو رجل من دون قيم، أو مبادئ، أو أخلاقيات، يستخدم منصبه لأهداف شخصية شريرة.
حتى أفلام ومسلسلات «الطرابيش» الشهيرة، يكون الدبلوماسي فيها أحد أفراد الأسرة المالكة، أو أحد المشاغبين، الذين يقرر الملك ـ أو الرئيس ـ التخلص منه؛ بإرساله إلى سفارة مصرية في أقاصي الأرض.
وبالبحث المتأني؛ عرفت أن أهم ملامح الدبلوماسي ـ من وجهة نظر الأفلام والمسلسلات، وبالتالي جمهور الشعب العريض، الذي يعد مصدر ثقافته الرئيسي التلفزيون ـ هو رجل متأنق للغاية، لا ينسى تغيير قداحته الذهبية وساعته الماسية، كي تتماشيا مع عشرات الحلل التي يمتلكها، وأزرار القمصان ومئات ربطات العنق التي تُهدى إليه من صديقاته المتعددات، اللاتي يبدأن من سكرتيرته الأجنبية الشقراء، ولا ينتهين عند وزيرة خارجية الدولة الأجنبية؛ حتى لو كانت عجوزاً شمطاء، ترتدي تنورة قصيرة.
ونظراً إلى انشغاله بهؤلاء الفاتنات؛ فلابدّ له أن ينسى زوجته، التي تضطر إلى شغل الفراغ العاطفي مع آخر أو آخرين، ويبقى الأولاد على طريق الانحراف الأكيد، فهم يشبّون على مرأى الحفلات التي تسيل فيها الخمور أنهاراً، وتنتهك فيها الحرمات، ومن شبَّ على شيء...
هذا هو الدبلوماسي في الخيال المصري.
لم يقدني البحث المتأني إلى صورة مضيئة واحدة، دبلوماسي واحد «يا مؤمنين» يعرف جادة الصواب!
لذا عندما كنت أحاول إقناع الجيران والأقارب والأصدقاء، كنت أحس بإحساس مَنْ يحرث البحر، مجهوداً وعناء، والنتيجة : صفر.
الغريب أن هذه الصورة الشعبية التصقت بعقلي الباطن، ووسوس إليَّ شيطاني بأنه قد أكون أنا الأحمق، وهؤلاء البشر هم من يملكون ناصية الصواب، فقلت: ولِمَ لا.. فلنجرب؟! ولنختبر تلك الفرضية بشكل علمي!!
ما أول اختبار؟
... السكرتيرة!
صحيح أنني لا أتوقع أن تكون السكرتيرة بيضاء، شقراء، زرقاء العينين، ممشوقة القوام، متخرجة في جامعات الجزر البريطانية، أو الولايات المتحدة الأمريكية، لكنْ من قال: إن الجنس الإفريقي لا يملك مميزاته، ربما تكون هناك تايرا بانكس، أو هالي بيري، أو حتى  أوبرا وينفري؛ عندما كانت شابة!
وكما أعلنت أولاً، أكتفي بوصف السكرتيرة بـ«البائسة»، لابدّ أن أمي تحظى بخبرة طبية، لا بأس بها؛ فقد لاحظت ـ من الصورة ـ أن السكرتيرة مريضة، وهو ما أكده عدد من الأطباء المصريين العاملين في «بامبوتوس»، إذ وصل عدد الأمراض ـ التي شكّوا في إصابتها بها ـ إلى أكثر من ستة أمراض، في مقدمتها ضعف التغذية؛ على الرغم من أن راتبها الشهري يبلغ ثلاثة أضعاف راتبي في مصر العزيزة.
وباعتبار أن الإنسان كائن سهلٌ اعتيادُه كلَّ ما يحيط به؛ فكما اعتدت الطبيعة الخلابة، اعتدت أيضاً المعاناة البشرية، التي أطالعها كل يوم؛ عندما أشاهد السكرتيرة.
ـ ماذا لدينا اليوم؟
فأشهر الصيف عموماً تحظى بقدر كبير من الهدوء؛ ففور انتهاء الامتحانات الدراسية؛ تبدأ إجازات الدبلوماسيين عادة، ويكون معدل الأداء أبطأ بكثير، سواء أكان داخل الوزارة في مصر، أم في «بامبوتوس».
لذا فكان سقف طموحاتي منخفضاً للغاية، ولنبدأ بالطلبات...
ـ طلب معونة؛ لتأسيس رابطة للاجئي إفريقيا الوسطى في «بامبوتوس»... عذراً!
ـ طلب أموال؛ للمشاركة في إنشاء مدرسة بقرية بمحافظة الشمال الأقصى... عذراً!
ـ خطاب من أهالي قرية أخرى، يطالبون ببقاء مبعوث الأزهر لديهم.. ولابدّ أنه استكتبهم هذا الخطاب!
ثم ننتقل إلى الدعوات..
ـ دعوة لحضور الجلسة الافتتاحية لمؤتمر دعم الإدارة اللامركزية، في وسط إفريقيا، المقام تحت رعاية رئيس الوزراء في قاعة المؤتمرات... سأحضر إن شاء الله!
ـ دعوة لحضور حفل تأبين شخص ما (لم أسمع عنه، والسكرتيرة كذلك)، بالتأكيد سأعتذر؛ خصوصاً أن الحفل يقام في قرية الفقيد، على بعد 1200 كم من العاصمة.
وكانت السكرتيرة تدوّن تعليقي ـ مع كل دعوة ـ في مفكرتها الصغيرة؛ لتضمين الموعد جدول الارتباطات، وهي تردد الجملة الوحيدة، التي غالباً ما تكررها بشكل آلي: نعم سيدي!
هكذا انتهينا من الدعوات والمناسبات!
قصة كل يوم... لا شيء جديداً!
وكأن السكرتيرة أحست بخيبة أملي؛ فمدت يدها ببطاقة دعوة، كانت تحتجزها بعيداً عن بقية الدعوات، كانت بطاقة بيضاء الغلاف، لا تحتوي أي شعار لدولة أو منظمة، كما جرت العادة، وعندما فتحتها كانت تحوي سطوراً قليلة:
«تتشرف الأميرة جان بونجاني كواجني، بدعوة السيد سفير جمهورية مصر العربية إلى حضور الحفل، الذي تقيمه في منزلها بضاحية سانتا باربرا؛ بمناسبة عيد ميلادها، وذلك يوم كذا في تمام الثامنة مساءً».
نحيت البطاقة جانباً، وأنا أخاطب السكرتيرة، قائلاً:
ـ أميرة؟! هل حدث انقلاب في البلاد، أطاح الجمهورية، وحوّل «بامبوتوس» إلى إمارة؟!
ابتسمت السكرتيرة؛ لتكشف عن صفّ من الأسنان التي لم تلمسها فرشاة، منذ نصف قرن أو يزيد، وقالت:
«كل من هبَّ ودبَّ، يمكن أن يحمل لقباً ملكياً في هذه البلاد، ويضفي على نفسه سمات نبل المحتد، وشرف الأصل، هناك مائة ملك وسلطان وألف أمير وأميرة، وكل مَنْ يولد لهم يحمل فوراً لقباً نبيلاً؛ كأنه ورثه مع الدم الأزرق عن أبويه»؟!
قلت بنفاد صبر:
ـ  يعني هي تنتحل لقب أميرة، ألا توجد جهة تمنع هذا؟!
قالت، وهي تحتفظ بابتسامتها:
ـ هذه الألقاب لا تمنح صاحبها حقاً، ولا تعفيه من واجب، والناس تحبها، والحكومة لا تعترض على طريقة «إنهم يعطون أنفسهم ألقاباً.. دعهم يحملونها».
قلت ـ وأنا أعقد حاجبيَّ ـ متصنعاً الجدية على طريقة أبطال روايات د.نبيل فاروق:
ـ ومن «جان» هذه؟!
عقدت حاجبيها بدورها، وقالت متصنعة سرية المعلومات:
  ـ سيدة أعمال من مدينة أداماوا، غرب البلاد، معروفة بثرائها الواسع، وعلاقاتها الأوسع مع الطبقات العليا في هذه البلاد.
درت بمقعدي؛ لأواجه النافذة، وأراقب تجمّع السحب، الذي ينذر بقرب هطول المطر، قبل أن أقول:
ـ ولماذا تدعو السفير إلى حفل عيد ميلادها؟! لم أسمعه مرة يتكلم عنها!
قالت، وهي تزيد من نبرة الخطورة في صوتها:
ـ إنها تحرص على توجيه الدعوة إلى السفراء كافة، وتسعى دوماً إلى التقرب منهم، وسفيرنا منهم، وإن كان لم يلبِّ دعوة واحدة لها منذ أتى، أي لأكثر من عامين، إلا أنها لم تيأس بَعْدُ.
قلت، وأنا لا أزال أراقب السحب:
ـ هل من المعهود، هنا، إقامة حفلات لأعياد الميلاد، يُدعى إليها السفراء؟!
أجابت، وقد سرتها فطنتي:
ـ نحن عموماً، لا نحتفل بأعياد الميلاد، لكنها تقوم بذلك.
وسكتت لثوانٍ، قبل أن تضيف:
ـ بالمناسبة هذا ليس أول عيد ميلاد لها هذا العام، ربما الثاني أو الثالث!
ابتسمت مرغماً، وأنا أغمغم:
ـ على طريقة نجمة مصر الأولى، ونجمة الجماهير، وفتى الشاشة الفضية، عيد ميلاد، كلما قلَّت أخباري في الجرائد.
قالت:
ـ ماذا أفعل بالدعوة؟!
قلت:

ـ إن موعدها سيحين بعد عودة السفير؛ فلنتركها له.

#مصرع_أميرة (1)

#مصرع_أميرة (1)

مسرح العمليات
تدور الأحداث في دولة «بامبوتوس»، التي توصف بأنها إفريقيا المصغرة، وعلى الرغم من أن مساحتها لا تتجاوز ثلث مساحة مصر، وأن سكانها لو اجتمعوا في مدينة واحدة، لكان تعدادهم يساوي بالكاد سكان القاهرة، فإن هؤلاء السكان يمثلون نحو 275 عرقية مختلفة، تتحدث كلٌّ منها لغة خاصة، وتفخر بهويتها المستقلة.
ويتناسب الوضع الجغرافي للبلاد مع هذا بشكل كبير؛ ففي أقصى الشمال مناخ صحراوي، تصل درجات الحرارة فيه إلى خمسين درجة في النهار، ودرجتين في الليل، وفي الوسط والجنوب والغرب مناخ استوائي، تراوح فيه درجات الحرارة بين 15 و27 درجة، طوال العام، مع وجود أمطار غزيرة، قد تستمر يومين من دون انقطاع، وعلى ساحل المحيط الأطلنطي تصل الرطوبة إلى درجات قاتلة.
وفي أقاليم البلاد العشرة، تتناثر العرقيات الكثيرة بشكل مثير للاهتمام، فإقليما الشمال والشمال الأقصى الصحراويان تسكنهما أغلبية من قبائل «الفولاته» المسلمة، الناطقة بالفرنسية، التي تنتشر في وسط وغرب إفريقيا، وفي شمال الغرب وجنوبه تنتشر قبائل مسيحية ووثنية، ناطقة بالإنجليزية، وفي الوسط والجنوب والشرق والغرب تنتشر قبائل مسيحية ووثنية، وقبائل «الهاوسا» المسلمة، وكلها ناطقة بالفرنسية.
كما سبق للبلاد أن كانت مستعمرة ألمانية، حتى الحرب العالمية الأولى، ثم قسمت بين الفرنسيين والبريطانيين، حتى استقلالها عام 1960.
إن «بامبوتوس» دولة مثيرة للاهتمام بحق، وخليط من اللغات، والأديان، والقبائل، يصعب وجود مثله، ويكفي للدلالة على ندرته تصور أن سكان شبرا لهم لغة خاصة، وحالما يصل أحدهم إلى  ميدان رمسيس؛ فعليه أن يتحدث باللغة «الرمسيسية»، ويترك لغته «الشبراوية»، أو يتحدث الجميع «الفرنسية» مثلاً.
ومن هنا يصبح للأمية في هذا البلد معني آخر، فالأمي في «بامبوتوس» هو من لا يتحدث سوى خمس لغات محلية على الأقل.

#مصرع_أميرة